"ميثاق الثقافة البانية
الرؤية المعرفية لجمعية النبراس"
فكرة الثقافة البانية :
الثقافة هي نمط عيش المجتمع وأسلوب حياته، وهي بهذا مركب خبرته التاريخية في عالم الأفكار والقيم والانتظام البشري الذي يحقق انسجام و سلوك أعضائه باختلاف أصولهم وأعمارهم ووظائفهم.وقد شكل الدين، مرادف الثقافة في مختلف التجارب الحضارية التاريخية قبل اقتحامها من طرف الإيديولوجيات الوضعية.
وإذا كانت الثقافة هي قدر كل مجتمع، فإن عنصر البناء فيها يحضر ويغيب يقوى ويضعف حسب أساسها الديني الأخلاقي من جهة ومنطقها العلمي من جهة أخرى وكذلك حملها إجابات صريحة وصحيحة عن أسئلة الواقع وشبكة علاقاته المركبة.
رسالة الثقافة البانية :
إن مشروع الثقافة البانية بصفته مشروعا للتفكير الجمعي والعمل المشترك ،يروم نقل نموذج الثقافة البانية كمعطى تاريخي اجتماعي من صورته الوصفية هذه إلى مشروع رسالة تحملها مؤسسة ثقافية ،من كونه مجرد معطى إلى حقيقته كمطلب نمن مجرد بناء ثقافي إلى عملية بناء يومية هادئة لما هرم وخرب وتخرب من عمران هذه الثقافة وتوسيع مجال هذا العمران لمختلف بنيات الحياة.
إن الثقافة البانية للإنسان والمجتمع والحضارة هي مثالنا ورسالتنا أن يصبح الواقع مطابقا لهذا المثال متجددا به، سواء تعلق الأمر بمكون الدين أو النفس أو العقل أو العرض أو المال.
مشروع الثقافة البانية:
إذن فمشروع الثقافة البانية، كمشروع جاد متجدد تنطلق أهدافه من البناء المعرفي الأصيل لرسالة الاستخلاف الإسلامية، ووظيفة النهضة البانية التي تصب في صلب القضايا الحقيقية للمجتمع وهمومه.
إنه مشروع محدد في الزمان والمكان هدفه المساهمة في تجديد البناء الثقافي للمشروع المجتمعي للأمة من أجل فكر بناء و إنسان سوي ومجتمع مسؤول .إنه مشروع تكريم الإنسان وتحرير إرادته .وهو مشروع تجديد المجتمع وبناء مؤسساته وعلاقاته .
إنسان الثقافة البانية :
تحرير الفكرة البانية من المفاهيم الموضوعة والمصطلحات الميتة المميتة لا يكتمل إلا بتحرير الإنسان الذي يحمل هذه الفكرة ويعطيها الحياة والإنسان السوي هو إنسان الثقافة البانية ، السوي في فكره وفعله ، في عقله وصحته في أسرته ومجتمعه في إرادته وعلاقاته هو سوي لأنه تحرر من كل ما يعيق تواصله مع تراثه وحضارته فانخرط في مجتمعه وعقيدته و أخلاقه وثقافته البانية بعيدا عن الهامش أو التهميش .
إن تحرر الإنسان السوي يعني الاندماج والإبداع لا يعني استهلاك ثقافة هامشية فردانية تعطل التفكير الجمعي والعيش الجماعي والنزوع الحضاري نحو البناء بكل تدبير وجود و إصلاح و إنجاز. إنه مطلب القوة الإيمانية و الإبداعية ومقصد القدرة الإنجازية الإنمائية .
مؤسسة الثقافة البانية :
إن المساهمة في بناء إنسان الثقافة البانية في علاقاته ومجتمعه هدفه بناء المؤسسة السوية التي تحسن استثمار تلك القيمة المضافة للبناء العلائقي وللرابطة الجسدية .إن بناء المؤسسة الجمعوية الثقافية التي لا يمنعها هدفها الإنجازي الإبداعي من تبني ثقافة معيارية مبدئية أخلاقية ، هو شرط أساسي لتحقيق عضوية العضو وانتمائه و جسديته في مجتمعه ، هذا البناء القيمي التدبيري الإنجازي ترومه أيضا في مختلف مؤسسات المجتمع وهياكله من أجل إصلاح مؤسسي مسؤول وراشد.
تدبير الثقافة البانية:
إن وجود فكرة مادية ورسالة واضحة وإنسان سوي ومؤسسة راشدة، بناء أساسي لتحقيق تدبير رشيد للثقافة البانية و إخراجها في مشروع إداري ومخطط إشرافي وبرنامج أنشطة تطرح الأسئلة الحقيقية وتجيب عن الأسئلة المجتمعية الراهنة عن طريق البحث أو التأهيل والتكوين أو الإشعاع أو عن طريق التدخل الاجتماعي .
إن هذا الإنجاز الوظيفي هدفه إعادة بناء الإنسان المغربي مواطنا صالحا مصلحا و إحياء تلك النفس الميتة المميتة التي عطلت كل قوة إيمانية إنمائية
إن هذا التدبير الرشيد يتطلب تنظيما إداريا حيا فعالا يستثمر كل عناصر قوته وفرصه، ويتجنب كل هوامش ضعفه ومخاطره.
برنامج الثقافة البانية :
هو برنامج يتأسس على تخطيط استشرافي مركزه الثقافة، إذ لا تنمية مجتمعية بدون تنمية مجتمعية بدون تنمي ثقافية ، ولا تدبير مؤسسي بدون ثقافة مؤسسية تدبيرية تعتمد توازن أهداف البرنامج مع الحاجيات والإمكانيات والطاقات في جو من التدعيم والتقويم هدفه خدمة العضو المؤسسي الجمعوي للجسد المجتمعي وتداعيه له .
كما أنه برنامج الإنجاز المشترك المتكامل بين كافة فعاليات الجمعية وطاقاتها و هيئاتها ومحيطها المتفاعل بكل قوة وصوابية و إبداع وسرعة .
إن مشروع الثقافة البانية هو مشروع مجتمعي بامتياز منطلقه الوظيفة اجتماعية للإسلام، فإذا كان أول الفعل كلمة ، فلا بد أن تتحول هذه الكلمة إلى فعل كافي تحرري بناء بإرادة وإدارة من إنسان مرابط موحد تخلص من النفسية الاستعمارية .
لهذا تؤسس الجمعية عملها على أيدي النخبة العاملة من جهة والشباب المبدع من جهة أخرى . كما تشكل الأسرة فضاء مركبا يستجيب أكثر لإستراتيجية الجمعية ويحتل الاهتمام بالطفل تربويا وصحيا وتعليميا....من جهة والطالب الباحث المهتم من جهة أخرى الأفق الاستشرافي للجمعية وتبقى فعالية الصناعة الإعلامية وامتدادها بناء أساسيا وسط بناءات الثقافة البانية .
إن هذه الرؤية المعرفية التي يتأسس عليها مشروع الثقافة البانية لجمعية النبراس لا تحفل بخطاب التحديث والأصالة أو التجديد والتقدمية، بل تركز على وضوح الرؤية انطلاقا من موقع الذات والهوية وفاعلية الوظيفة الاجتماعية بكل إنجاز وقوة في تناغم وانسجام مع حركية المجتمع ومقاومة وممانعته لكل الهوامش التي تهدده من الداخل والخارج.